حياته
  |  
ملحق
Cross

المـراثي

 

مراثي أهالي ماردين1

معلوم أنّ لكلّ بلدة لهجة تؤثر في قلوب سكانها شديد التأثير، وتدعوهم إلى البكاء والندب والعويل. فالماردينيون أثناء الحرب، ولا سيما وقت المذابح والسبي، أنشأوا كثيرًا من المراثي المحزنة المبكية، وجعلوا ينشدونها ليلهم ونهارهم، ولا سيما إذا حضروا المناعي أو بغتتهم فاجعة أو دهمتهم كارثة. وقد شئنا أن نطرف القراء بنتف منها على الوزن المعروف عندهم بماليه ذِكرًا لما جرى.

في قافلة الرجال

أتــراك لا تعــــــــــــــادونــا، الأكراد من أين جاونا

كـلّ الحسبة حسبنــــــــا، في الذبح ما افتكرنا

جـــــــانـــــــــــــا خبر العدم، اليوم على غفلة

مصطومة حكومة ماردين، تودي قفلة بقفلة

في عصر عيد الجسد، رشيد بعث ممدوح

العسكر كبسوا المطران، وقالوا له قوم تنروح

لـمّـــــــــــا وصل السراي، ما عملوا له قيام

قالوا جا أمر من فوق، تنعدمك اعدام

قالوا جيب معك السلاح، وتقدّم لقدّام

تــنــاخــذ افـــادتـك، ونقتلك مع الأعوام

نصارى قـومــوا صلّوا، في ها المساوية

إبـكــوا وصلّـــــــوا بلكي، تفك عالمسيحية

إمّـــــــــي لخـــــــــاطــر الله، قومي اعملي لنا حال

كــلّ شــي كنّا نحسبه، القتل ما كان على البال

من عصر الخميس بدوا، كلهم يمسكوهم

في الحبوس وفي القشلة، كومات كوموهم

بالحبـــــــال والزنـــــاجير، بدوا يربطوهم

بالقضبان وبالقمشات، صاروا يجلدوهم

الساعة ثمانية بالليل، راحوا يشددوهم

كـل أربع بأربع سوى، بزنجير زنجروهم

لالاتـهــم فـي رقـبـتـهــم، نخمات ينخموهم

من القشلة ومن الحبس، ميسرين طالعوهم

طلقة بطلقة مكـتـفـيـن، مشيوا بذلية

منهم حفــــــــــاية وكلّهم، قلوبهم هي مكوية

طـلعـتُ تـودعــهــم، والدنيا حزينة

يكسركم إسلام وألمان، من أين هالعزيمة

نصارى قوموا اطلعوا، ساقوا الفدواية

صلبانهم على صدرهم، كلّهم مسيحية

منهم شباب محسنين، كبار النصرانية

ودموعهم على خدودهم، وقلوبهم محشية

طلع قدامهــــم ممدوح، وكبار الملية

حولهم عسكر الخمسين، خلفهم مشكاوية

لحقــــــــــوهم مستعجلين، أكراد وداشية

خناجرهم في وسطهم، ومعهم عينلية

عدّوا النصارى في الباب، وقرأوا أساميهم

أساميهم إيش كــــــانوا، كانوا أخوية

إخاوية إيش كــــــــــــانوا، دمّ اليسوعيّة

كلهم راحــوا لـلـقـتـل، ونالوا الاكليلية

كان طلع أمر من فوق، عفا على السريان

أديب الكــــــافر ما راد، وافقوه الأعيان

ساق الابروط والسريان، وشباب الكلدان

ساق الشيوخ والشبان، والاكبار والقسان

نصارى ابقوا في بيوتكم، طالعوا مالويان

أيـاديه مشددة، على صدره نيشان

صـارت منزلته، في أراضي شيخان

وانتمـت مذبحتـه، في قلعة زيزوان

كـمـا كريـات الغنم، والقطعان ساقوهم

قــالوا أسلموا ما أسلموا، ذبيح ذبحوهم

في المغـاور والجبوب، حلقوا أجسادهم

وثيـابهم أخذوها، ورجعوا إلى بيوتهم

وقبل مـا يذبحوهم، اختلى معهم المطران

صلـى عليهم وحلّهم، ونـاولهم القربان

يا نصارى اصطبروا، هذا السفر ما يدوم

وإن كان السفر تيدوم، القيامة تتقوم

إيش عملتم يا أرمـن، وقعت ورقتكم

إيمت تيفك السفـر، تطلع حسرتكم

وإيمت تيدور الـفـلـك، تتجي ضربتكم

وإن كـان مـا فكّ السفر، نحن تنتبعكم

إلى متى في الـجــزا، وإلى متى في هالحال

يـا حسرتي على العمر، راح ضائع وبطّال

يـا حيف على النصارى، لكانوا كلّهم أبطال

ربّـي إنت من عندك، تفرّج على الأطفال

يـا بنتي قومي تعي، دوري في المغارة

جيبي الحبـيب معك، واحسبيها زيـــاره

خلّي يحضرون مـعــك، قسان النصــارى

صلّوا علينـا وقـولـوا، يـا حيف عالخساره

رجـالنا وشبـابنا راحوا، قصائص خلّونا

يكفـاكم أتراك يكفي، اكتير ظلمتونا

ملأتم شطّ الدجـلـة، قسان ومطارين

تليتم مرجة شيخـان، من جثث الحلوين

وحياة ربّي وربهم، ما يروحون من بالي

اسمهم طيّب حـلـو، وعلى قلبي غـــالي

عليهم خرب عـمـــري، وتيتموا اطفالي

يـا ربّ صبر من عندك، انظر إلى أحوالي

في قافلة النساء 

يا ربّ صيرني سواح، تقعد عالطريقين

واستخبر لكل من راح، لين ودوا القافلتين

قفلة راحت لشيخـان، وقفلة لراس العين

لعبد الامــام وَدّوهن، ثنتين ورا ثنتين

في الحفرة كردسوهن، كلهم قدام العين

اطفالهن على اكتافهن، أبو شهر وشهرين

من ثيـابهن عروهن، مَرتين بعد مَرتين

ومن كلّ واحدة أخذوا، قلادة وقلادتين

شقوا بطونهن طالعوا، ليرات بالكمشتين

هَرّبوا منهن بنـات، عمرهن سنة وسنتين

كردي دقــنـه لصدرو، قام وقت الصلاتين

ذبــح وهــرّب نسوان، وما فضل غير مرتين

يـا مـا يتمـوا الأولاد، وحرقوا الفواد

يـا ما خرّبــــــوا البلاد، وداسوا حقوق العباد

1 اسحق أرملة، القصارى في نكبات النصارى، 1919، ص 326-331.

شارك:
Facebook
تويتر
إطبع
Go To Top
انتقل إلى أعلى الصفحة
الفصل السابق

رفاق الصفّ

رفاق الصفّ

Previous Chapter
الفصل التالي

قائمة الشهداء

قائمة الشهداء

Next Chapter
Go To Top
متابعة القراءة
...ومرّة أخرى، يـَـتـلـطَّـخ الثوب الفرنسيسي بدم الشهداء...
LeonardMelki
© فارس ملكي 2013