فضائله
  |  
الفضائل الإلهيّة
Cross

الإيمان

 

يتجلّى إيمان الأب ليونار في مجالين: الثبات في إيمانه الشخصي، وتعزيز إيمان المؤمنين.

الثبات في إيمانه الشخصي

كانت الصلاة المرتكزة على الإيمان تملأ حياة الأب ليونار الخاصّة، إذ كانت توفّر له القوّة اللازمة للقيام برسالته الصعبة، سواء بين تلاميذ المدرسة، أو في مرافقة الراهبات والثالثيين. وعلى الرغم من مرضه، كان يجاهد في تلاوة الفرض الإلهي، ويستمرّ في إقامة الذبيحة الإلهيّة التي تشكّل، بالنسبة إلى أيّ كاهن، ركيزة أساسيّة لتعزيز إيمانه، فيقول: « فمع بداية سنة ١٩١٠، مرضتُ في ماردين، وما زلتُ، إلى اليوم، في وضعٍ لا أتمكَّن فيه حتّى من تلاوة الفرض الإلهيّ. أمّا الذبيحة الإلهيّة، فإنّي أحتفل بها بصعوبةٍ فائقة.»1

وبرز إيمانه القويّ أثناء استشهاده البطولي لَمّا أعلن أمام الجلاّدين، مع الكهنة والمبعدين الآخرين في القافلة، رفضه نكران إيمانه المسيحي مقابل إنقاذ حياته، واستعداده لقبول الموت من أجل المسيح. لَمّا قام ممدوح بك، رئيس القافلة، يعرض عليهم اعتناق الإسلام مقابل إنقاذ حياتهم، أجابوا كلّهم بصوت واحد:
« نحن بين أيدي الحكومة، أمّا بالنسبة إلى الموت، فسنموت في سبيل يسوع المسيح… لم نكن قطّ خونة للأمّة العثمانيّة، ولسنا، اليوم، خونة لها. أمّا أن نصبح خونة للدين المسيحي، فذلك مستحيل… سنموت، ولكنّنا سنموت في سبيل يسوع المسيح.»2

تعزيز إيمان المؤمنين

أ) بمواجهة الاقتناص البروتستانتي

من أهداف رسالة الأب ليونار حماية المؤمنين من المخاطر التي تهدّد إيمانهم الكاثوليكي، بخاصّة تجاه موجة الإرساليّات البروتستانتيّة الأميركيّة التي نشطت في المنطقة. يختلف الوضع اليوم، بفضل الروح المسكونيّة التي تميّز العلاقات بين الكاثوليك والبروتستانت. لكنّ الوضع لم يكن على هذه الحال في أوائل القرن العشرين في ماردين حيث كانت كلّ طائفة تحاول اقتناص المؤمنين التابعين لطائفة أخرى، مستعملة شتّى الوسائل، بما فيها الإغراءات الماديّة.

بمعاونة زميله الأب توما، كان يواجه البروتستانت، ويفضح ممارساتاهم، ويجنّب المؤمنين أخطار هذه «البدعة» الآتية من بعيد، ويدعوهم دائمًا إلى الالتزام بإيمان الكنيسة الكاثوليكيّة لضمان خلاصهم الأبدي. يقول الأب توما في إحدى رسائله: «يوجد في ماردين، منذ عدّة سنوات، مرسَلون من البدعة البروتستانتيّة ومتفرّعاتها. إنّنا نقوم بواجبنا لمحاربتهم، ونبذل جهدًا كبيرًا لمقاومتهم، معتمدين على أفضل الأساليب، وذلك بأن نكشف ضلالهم وكذبهم أمام المؤمنينن فيضمنون إيمانهم وخلاصهم الأبدي».3

يقول الأب ليونار في إحدى رسائله: «نشرح العقيدة المسيحيّة للجميع، بٱنتظام، وبدون تمييز. هذا هو هدفنا الأوّل، من خلال قبولنا هؤلاء الهراطقة المساكين الذين يجهلون أبسط واجباتهم الدينيّة.»4

ب) بمواجهة ماسونيّة قادة تركيا الجدد

لَمّا أُعلن دستور تركيا الجديد من قبل الأتراك الفتيان، وفيه من الوعود والإغراءات التي ارتاح إليها السذج من الناس، رأى فيه الكبّوشيّون المتبصرون إعلانًا سيئًا سيكون له ارتدادات عاطلة على رسالة الكبّوشيين وحضورهم في تركيا. يقول الأب توما صالح، ومعه الأب ليونار ضمنًا، في إحدى رسائله:

«إنّ جماعة تركيا الفتاة الذين هم من دون دين، هم ماسونيّو الشرق الحقيقيّون… لا يكون الكلام عادة، في الاجتماعات التي يعقدونها باستمرار، إلاّ ضدّ المعتقدات المتنوّعة، وذلك لتحقيرها وإهانتها، وللوصول إلى استئصال بصيص الإيمان الأخير المتبقي عندهم.»5

يزيد الأب لودوڤيك دار d’Eurre الكبّوشي على ما جاء على لسان زميله ويقول:
«لا يمكن للمرسَلين الاعتماد على الدستور العثماني الجديد لمناصرة القضيّة الكاثوليكيّة. إنّ الأتراك والمسيحيين يتعلّقون بأخطائهم السابقة، أكثر من أيّ وقت مضى. وعلى كلّ حال، إنّ الحركة الناشئة هي حركة ماسونيّة، وبالتالي، لا نتوقّع منها أيّ شيء جيّد. إنّ هذه الحرية المزعومة الممنوحة إلى المسيحيين لن تعود إليهم بأي فائدة عمليّة. لا سمح الله أن تجعلهم يفقدون الإيمان القليل المتبقي عندهم».6

 
1 رسالة الأب ليونار إلى الأب العامّ في روما، معمورة العزيز، 23 كانون الأوّل 1910، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما.
2 ياسنت سيمون، ماردين المدينة البطلة، دار نعمان للثقافة، جونية، لبنان، 1991، ص. 54. 3 رسالة الأب توما صالح الكبّوشي إلى الأب العامّ في روما، ماردين، 12 كانون الأوّل 1906، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 4 رسالة الأب ليونار إلى الأب العامّ في روما، أورفا، 18 كانون الأوّل 1912، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 5 رسالة الأب توما صالح الكبّوشي إلى الأب العامّ في روما، خربوط، 20 كانون الأوّل 1909، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 6 رسالة الأب لودوڤيك دار الكبّوشي إلى الأب العامّ في روما، خربوط، 27 كانون الأوّل 1909، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما.
شارك:
Facebook
تويتر
إطبع
Go To Top
انتقل إلى أعلى الصفحة
الفصل التالي

الرجاء

الرجاء

Next Chapter
Go To Top
متابعة القراءة
...ومرّة أخرى، يـَـتـلـطَّـخ الثوب الفرنسيسي بدم الشهداء...
LeonardMelki
© فارس ملكي 2013