المئوية
  |  
الكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة
Cross

بيان المجمع العامّ، 30.5.2014

البيان الصادر عن المجمع المقدّس العامّ للكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة  حيث تمّ الإعلان عن قرار البدء في إحياء ذكرى الـ « سَيفو»  *

عقد المجمع المقدّس العامّ للكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة اجتماعه العامّ الأوّل صباح يوم الجمعة 30 أيار 2014 برئاسة قداسة الحبر الأعظم مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، الرئيس الأعلى للكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة في العالم، وبحضور غبطة مار باسيليوس توماس الأوّل، مفريان الهند، ومعظم أعضاء المجمع الأنطاكي السرياني المقدّس العامّ، وذلك في دير مار أفرام السرياني في معرّة صيدنايا بريف دمشق.

وأكّد قداسة البطريرك أفرام الثاني عقب الاجتماع أنّ أهميّة هذا المجمع المقدّس تكمن بالاجتماع في سورية الحبيبة، في ظلّ الظروف الراهنة التي تمرّ بها هذه البلاد العزيزة، مشيرًا إلى أنّ هذا الاجتماع هو رسالة بأنّ الظروف، مهما قست، لن تمنعنا من ممارسة حياتنا الطبيعيّة.

ولفت قداسته إلى أنّ وجود أكثر من ستين مطرانًا من الكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة من كلّ دول العالم هي رسالة إلى أبناء الكنيسة وأبناء سورية بأنّنا مع هذا البلد العزيز في محنته، وأنّنا نصلّي من أجله، ومن أجل السّلام والأمن وكلّ من يحبّهما، مناشدًا كلّ من يحبّ السّلام وأصحاب الضمير الحيّ والنيّات الحسنة عمل كلّ ما بوسعهم من أجل سلام وأمن هذه البلاد ومواطنيها، وكلّ أنحاء الشرق الأوسط، وقال قداسته: نصلّي دائمًا من أجل البقاء المسيحي في هذه الأرض الطيّبة، أرض الشرق، فالشرق بدون المسيحيّة هو ناقص، ووجود المسيحيين على هذه الأرض الطيّبة هو ضمانة لقدسيّة الحياة، وللعيش المشترك، والانفتاح بين أبناء هذه البلاد، بمختلف انتماءاتهم الدينيّة.

وحول الانتخابات الرئاسيّة في سورية، قال قداسة البطريرك أفرام الثاني: منذ اليوم الأوّل لانتخابنا، وزيارتنا الأولى بعد انتخابنا بطريركًا، وجّهنا ونوجّه أبناءنا السريان والسوريين بشكل عامّ للمبادرة والقيام بواجبهم الوطني بانتخاب رئيس للجمهوريّة العربيّة السوريّة، مؤكّدًا أنّ هذه العمليّة الحضاريّة خطوة في بناء ديمقراطيّة تناسب وضعنا، كما هي أيضًا واجب على كلّ سوري، وتمنح الفرصة لكلّ من يريد أن يقوم بخدمة هذه البلاد من خلال هذا الانتخاب والاستحقاق الرئاسي. وأضاف: إنّ ما حدث في سفاراتنا في العالم، وخاصّة في لبنان، هو دليل على تشوّق أبنائنا السوريين لممارسة هذه العمليّة الديمقراطيّة الحضاريّة، لذلك ننتظر إقبالاً كبيرًا أيضًا يوم الثلاثاء القادم في سورية.

ووصف قداسته منع بعض الدول الغربيّة السوريين المتواجدين في أراضيها من ممارسة حقهم في الانتخاب بأنّها ممانعة لا تعكس صورة للديمقراطيّة في هذه الدول، بل تشير إلى عمل غير حضاري، وتعكس خوفًا كبيرًا من نتائج الانتخابات.

وحول المصالحة الوطنيّة الجارية في سورية، أكّد البطريرك أفرام الثاني أنّ المصالحة الوطنيّة هي ضرورة ملحّة لإعادة بناء الإنسان السوري، وهي تتمّ بين أبناء الشعب السوري الذي يريد خير البلاد ومصلحتها، والكنيسة تباركها، وتدعو الجميع لأن يستمروا بها، ويمكنوا الكلّ من العودة إلى بيوتهم والعيش بأمن وسلام، مشيرًا إلى أنّ انتشار الإرهاب والقتل والدمار تأثر كثيرًا بوجود بيئة حاضنة لهؤلاء الإرهابيين الذين جاء معظمهم من خارج سورية، معتبرًا في الوقت ذاته أنّ علينا التمييز بين المعارضة الشريفة التي تريد مصلحة البلد وتعمل من أجل بنائه، وبين من يهدف إلى إدخال مفاهيم جديدة وتفاسير ضيقة ونشر ثقافة القتل والدمار.

ولفت قداسته إلى ما تقوم به الكنيسة من عمل لمواجهة آثار الظروف التي تمرّ بها سورية وتقديمها المساعدات للمحتاجين من خلال لجنة مار أفرام البطريركيّة للتنمية التي تأسست في ظلّ هذه الأحداث، إضافة إلى عملها على تشكيل لجان لجمع المساعدات لإعادة إعمار الكنائس ودور العبادة.

وحول الاستحقاق الرئاسي في لبنان، رأى البطريرك أفرام الثاني أنّ الفراغ الرئاسي «لا يخدم أحدًا ويخيف» لذلك «نصلّي ونأمل من المسؤولين في لبنان العزيز أن يسرعوا إلى انتخاب رئيس جمهورية يقود البلاد في هذه المرحلة الصعبة» مناشدًا «اللبنانيين جميعًا للعمل بكلّ ما يستطيعون من أجل انتخاب رئيس للبنان بأسرع ما يمكن حفاظًا على السلم الوطني وأمن المواطن».

وفيما يتعلّق بما جرى في اجتماع المجمع المقدّس، أشار البطريرك أفرام الثاني إلى أنه تمّت مناقشة عدّة قضايا تهمّ الكنيسة وأبناءها والوطن، مبيّنًا أنّ موضوع اختفاء المطرانين بولس يازجي، متروبوليت حلب والإسكندرون وتوابعهما للروم الارثوذوكس، ويوحنا إبراهيم، متروبوليت حلب وتوابعها للسريان الارثوذوكس، أخذا حيزًا وافرًا من مداولات اباء المجمع، لما لهذا الموضوع من تأثير على أبناء الشرق المسيحيين، وعلى مفاهيم الأخوّة والمساواة والعيش المشترك واحترام الاخر في هذه البلاد العزيزة. وقال: إنّه منذ اليوم الأول لاختطاف المطرانين، لم نتوقّف عن العمل والصلاة وأخذ المبادرات والقيام بزيارات إلى مختلف الجهات والمسؤولين في مختلف الدول، ولكن، مع الأسف، حتّى هذه اللحظة، ليس لدينا ما نستطيع أن نعرضه على الإعلام من جهة مصير هذين الحبرين الجليلين، مؤكّدًا أنّه سيتم تكثيف الجهود في هذا المجال، وكلّنا أمل بأنهما سيعودان. ورأى البطريرك أفرام الثاني أنّ اختفاء المطرانين يازجي وابراهيم هو رسالة موجّهة لأمن وسلامة هذه البلاد، وضدّ الوجود المسيحي في هذا الشرق، وأنّ آباء المجمع أكّدوا على العمل الدؤوب مع الصلاة من أجل عودة المطرانين وجميع المخطوفين من أبنائنا.

ولفت البطريرك أفرام الثاني إلى أنّه تمّ التشديد على موضوع الاحتفالات في الذكرى المئوية الأولى لمذابح «سَيفو» التي راح ضحيتها أكثر من نصف مليون سرياني، بمختلف كنائسهم السريانيّة الأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة، وكنيسة المشرق، و الكنيسة الكلدانيّة ، مع مليون ونصف المليون من الأرمن الذين قدّموا حياتهم من أجل إيمانهم.

وأكّد البطريرك أفرام الثاني أنّ المجمع قرّر إحياء هذه الذكرى الأليمة من خلال إقامة احتفالات مركزيّة في أقاليم العالم حيث ستقام في الشرق الأوسط وأوروبا وفي شمال الولايات المتحدة والهند، ستتضمن الصلوات، وستقدّم الأبحاث والدراسات والمعارض التي تخلّد ذكرى هؤلاء، لكي لا ينسى أبناؤنا هذا الفصل الأليم بتاريخنا وتاريخ المنطقة.

وحول ضرورة تعزيز الخطاب الديني المعتدل في ظلّ الأحداث التي تسيطر على المنطقة قال البطريرك أفرام الثاني: لا شكّ أنّ الحاجة ملحّة للقيام بهذا الأمر، وأنا أحيي كلّ المبادرات التي تهدف إلى التقارب وإلى تفعيل العيش المشترك من خلال الندوات واللقاءات والزيارات المشتركة، فأكثر ما يخيف الإنسان هو أن يجهل الواحد منّا الآخر.

وعن قيام الغرب والعديد من الدول بمحاولات العمل على تهجير المسيحيين من المنطقة، أكّد البطريرك أفرام الثاني إنّنا ضدّ كلّ محاولات تهجير أبنائنا المسيحيين من هذه المنطقة، وتهجير السوريين بشكل عامّ، وعندما يكون هناك ضغوط على أبنائنا المسيحيين أو ترغيبهم بترك هذه البلاد فنحن ننظر إلى هذا الأمر بعين الريبة، لأنّ الهدف من ورائه ليس توفير حياة أفضل لهم بل حرمان هذا البلد من هؤلاء الأشخاص ومن مساهماتهم، وبالتالي خلق جو مشحون، وخلق نوع من عدم الراحة بين أبناء البلد الواحد بمسيحييه ومسلميه.

وفي بيان ختامي عقب اجتماع المجمع، وهو الأوّل الذي يدعو إليه البطريرك افرام الثاني، عبّر آباء المجمع المقدّس العامّ لكنيسة انطاكية السريانيّة الأرثوذكسيّة عن سعادتهم وشكرهم العناية الإلهيّة التي سمحت بانعقاد المجمع المقدّس التاريخي في دمشق، عاصمة سورية، والمقرّ الوحيد للكرسي الرسولي الأنطاكي السرياني، مثمنين كلّ الجهود والتسهيلات التي قدّمتها الحكومة السوريّة الرشيدة من أجل إنجاح حفل تنصيب قداسة البطريرك، وإتمام رغبتهم بأن يلتئم هذا المجمع على أرض سورية الحبيبة.

وقال آباء المجمع المقدّس في بيانهم: نوجّه برقية شكر ومحبّة بهذه المناسبة إلى السيّد الرئيس بشار الأسد، لاهتمامه بأمور الكنيسة السريانيّة وقضاياها، مصلّين لأرواح شهداء سورية الأبرار، ومتضرّعين إليه تعالى لكي يحلّ أمنه وسلامه في القريب العاجل.

ولفت المجتمعون في بيانهم إلى أنّ قداسة البطريرك افرام الثاني عرض برنامج عمله المنشود روحيًّا وإنسانيًّا وإداريًّا واجتماعيًّا وعمرانيًّا مؤكّدًا أنّ أمام الكنيسة الكثير من المهمات والواجبات والمسؤوليات، علاوة على التحديات التي تواجه الكنيسة وأبناءها، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في بلاد الانتشار أيضًا، متطرّقًا إلى العلاقة المميّزة التي تربط انطاكية وجوهرة التاج الأنطاكي الهند.

وفي مجال العلاقات المسيحيّة الإسلاميّة، شدّد آباء المجمع المقدّس على أهميّة العيش المشترك، ونشر ثقافة قبول الآخر الذي هو خلاصة التعاليم السماويّة، مشيرين إلى أنّ البطريرك أكّد أيضًا انّه سيتابع التعاون بين كنيستنا والكنائس الشقيقة للوصول إلى الوحدة المسيحيّة.

ودعا آباء المجمع السريان للتشبث بأرض الآباء والأجداد، ونبذ الهجرة ومخاطرها على الأمة السريانيّة، مستنكرين الهجرة القسريّة التي يتعرّض لها الشعب السرياني في دول الشرق الأوسط، لافتين إلى أهميّة تعليم ونشر اللغة السريانيّة التي قدَّسها السيّد المسيح، والعمل على إحياء التراث السرياني.

_______________
*

شارك:
Facebook
تويتر
إطبع
Go To Top
انتقل إلى أعلى الصفحة
الفصل السابق

شارة «سَيفو»

شارة «سَيفو»

Previous Chapter
الفصل التالي

بيان البطريركيّة، 27.6.2014

بيان البطريركيّة، 27.6.2014

Next Chapter
Go To Top
متابعة القراءة
...ومرّة أخرى، يـَـتـلـطَّـخ الثوب الفرنسيسي بدم الشهداء...
LeonardMelki
© فارس ملكي 2013